الاشتراكية الديمقراطية

نشأت الإشتراكية الديمقراطية من النضالات ضد المجتمع الرأسمالي، وضد الإستغلال والقمع والحرب. وهي تدعو للحرية والمساواة والتضامن من أجل جميع الأفراد ومن أجل كل فردٍ منا. ووفقاً لكارل ماركس، فإنَّ الضرورة الحتمية للإشتراكية تقوم على “الإطاحة بجميع العلاقات الاجتماعية التي تجعل من الإنسان كائنا مهانا، مستعبدا، مخذولا، محتقرا.” تشكلت الإشتراكية على أساس أنها حركة حقوق إنسان عالمية متضامنة مع الطبقات الدنيا. وقد شاركت مع حركة أصحاب الأجور والنساء والشعوب المضطهدة في نضالهم من أجل التحرر. ويتمثل هدفها بالوصول إلى مجتمع يمارس فيه الشعب السيطرة المشتركة على الإقتصاد ويمسكون شؤؤنهم بأيديهم.

شهد القرن العشرين حدوث انقسامات عميقة في الحركة الإشتراكية. فمن جهة، تم تطور الجناح الشيوعي والذي، وتحت وطأة الحرب والفاشية، جهَّز لتنفيذ قطيعة جذرية مع الرأسمالية حتى لو اضطر لإستخدام الديكتاتورية وقمع المعارضة. في عام 1989، أدت الإحتجاجات الجماهيرية الواسعة التي قام بها العمال ونشطاء الحقوق المدنية وكذلك التجمعات الديمقراطية، إلى إنهيار الدول الإشتراكية في أوروبا. وقد ثبت في النهاية أنَّ مركزية ملكية الدولة يشكل عائقاً أمام تطورها، حيث لا يمكن الحفاظ على المنجزات الإجتماعية على المدى الطويل. وعلى الجانب الأَخر، أرادت القوى الإجتماعية الديمقراطية إحداث إصلاحات إجتماعية واسعة وإرساء الديمقراطية في المجتمع. غير أن هذه القوى لم تكن قادرة على التغلب على هيمنة الأرباح بغية السيطرة على الإقتصاد بشكلٍ فعَّال. وبذلك  ظهر جليا استحالة الوقاية من حدوث انتكاسات نيو- ليبرالية ضمن رأسمالية منفلتة من كل قيد.  وقد دعم اليسار الإشتراكي بدوره تشكيل المجالس، واستقلالية العمال، والديمقراطية الإقتصادية والتعاونيات؛ ولكنه لم يستطع أن يُقدِّم البدائل الشمولية. تؤدي الأزمة الحالية للرأسمالية وللحضارة الإنسانية إلى نشوء حركات إشتراكية جديدة، ومفهومها الأساسي هو: ليس ممكناً إيجاد عالم آخر، ورغم ذلك فإن الوصول إليه يُعتبر حاجةً عاجلة. تحارب إشتراكية القرن الحادي والعشرين هذا الاستغلال الرأسمالي، والنظام الأبوي (البطريركي)، والعنصرية وتدمير البيئة. وكان هدفها الأساسي هو الوصول إلى عالم يمكن أن توجد فيه العديد من العوالم المختلفة جنباً إلى جنب، حيث يكون فيه التطور الحر للفرد ولكل فرد شرطاً لتطور الجميع. وإنَّ إخضاع الممتلكات والعلاقات بين مراكز السلطة لتحقيق هذا الهدف، والتحول الإجتماعي الإيكولوجي للإنتاج وأساليب الحياة، والديمقراطية الشاملة، والأممية الجديدة، وسياسة السلام النشطة هي العناصر الأساسية لهذه الإشتراكية الجديدة.

ومع تأسيس الحزب اليساري الألماني (بالألمانية: Die Linke)، نشأت قوة سياسية في ألمانيا ملتزمة بالإشتراكية الديمقراطية. ان مصالح أصحاب الأجور والضعفاء إجتماعياً وقطاعات واسعة من المجتمع ترتبط بسياسة تأمُل إحداث تحولات شاملة للتغلب على الرأسمالية. ويقف الحزب في نفس الصف مع تعاليم روزا  لوكسمبورغ والتي تقول بأنَّ: المساواة بدون حرية ظلم، والحرية بدون مساواة إستغلال، وأنَّ التضامن هو أساس التحرر والمساواة. ويجب وضع نهاية لاستغلال الإنسان والطبيعة بشكلٍ جماعي.

ومن أقوال روزا لوكسمبورغ في مؤتمر شتوتغارت عام 1898: إنَّ النوع الوحيد من القوة التي ستقود إلى النصر هو الكفاح اليومي من أجل التنوير السياسي

 

شاركوا المنشور
})(jQuery)