عرض شركاؤنا “عشتار لإنتاج وتدريب المسرح” أحدث انتاجاتهم الفنية ” لعب حر” وعن ذلك كتب الصحفي يوسف الشايب في صحيفة الأيام عن العرض:
قرّر فريق العمل المسرحي “لعب حُر” العودة إلى ما يمكن تسميته بالمسرح الخام، لجهة الأداء الحيّ، والنقاش في إطار مسرحية أو مسرحيّات داخل مسرحية، وأيضاً لجهة الابتكار على مستوى التقديم على الخشبة التي هي ليست خشبة تماماً.
وفي إطار نقاش مواضيع تبدو شخصية، ويمكن تعميمها على نماذج اجتماعية واسعة، أطلّ الحديث حول المسرح نفسه: ماهيته، والأهداف منه، وكيف يمكن لمجموعة من الشباب تقديم محتوى وشكل مسرحي جاذب للجمهور، وهي أسئلة في بعضها موجع، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار حالة الإهمال التي يعاني منها المسرح الفلسطيني رسمياً وأهلياً ومن القطاع الخاص على السواء.
لم يخلُ العمل المُنتج من مسرح عشتار بالشراكة مع مؤسسة روزا لوكسمبورغ، وعُرض مساء أول من أمس، من كوميديا موجعة، وقد قدّم شكلاً غير تقليدي مع انتصار للشكل التقليدي للمسرح، أو هكذا يبدو شكلانيّاً، فيما قَدّم كافة الأشكال الأدائية التي يمكن له أن يصهرها باعتباره “أباً” للفنون جميعها، فكنّا على موعد مع مشاهد مسرحية صافية، وأخرى موندرامية، وثالثة تندرج في إطار “الستاند أب” الكوميدي وغير الكوميدي، ورابعة ترتمي في أحضان السرد الحكائي، فكان الأداء حكواتيّاً، إضافة إلى تقديم أغنيّة حيّة صوتاً وموسيقى، هي أيضاً من تكوينات العمل المسرحي، الذي بات يتسع ليس فقط للفنون الأدائية بأشكالها المتعددة، بل لكافة الأنماط الفنيّة البصرية منها والسمعية.
وفي العمل المبني على نص جماعي، وورش من العصف الذهني، ناقش “لعب حُر” قضايا عدّة في إطار البحث عمّا هو الأفضل لتقديمه على الخشبة، وفي إطار تجريب كلّ من الممثلين الشباب لفكرته تجسيداً، فإحداهن تحدثت عن الروتين الصعب للمرأة العامة، عبر حكايتها كموظفة بنك ما بين عملها خارج وداخل المنزل، وهناك من تحدث عن علاقته بوالدته، عبر حكايته في نقل رحم أمّه من مدينة إلى أخرى، بعد استئصاله لورم فيه، وهو المكان الذي احتضنه وأخوته تسعة أشهر لكل منهم، في حين تحدّثت رابعة عن رعب “التوجيهي” والسنة الاستثنائية بكامل تفصيلاتها.
تخللت النقاشات إشارات إلى تدني مساحة الحريّات على مستويّات عدة، كما انتهت إلى نتيجة مفادها، أنه لا يوجد في المسرح ما هو صواب وما هو خطأ على مستوى التوجه العام، أو الأشكال والمضامين، علاوة على طرح فكرة المضامين الوطنية، وماهيتها، وغير ذلك من الأسئلة عن فن لم يعد كما كان عليه قبل عقود بطبيعة الحال، من حيث الانتشار الجماهيري، وكم الإنتاج، والقدرة على الجذب في عصر الذكاء الاصطناعي.
وكانت للعناصر السينوغرافيّة للعمل، كما الإخراج، وكلاهما للفنان إميل سابا، وهو ما ينطبق على الملابس التي تولت مهمتها لوزير فريانسر مساعدة المخرج أيضاً، إضافة خاصة، كما هو حال أداء الفنانين: تامر طافش، ونورسن قواسمة، وديما عرب، وميار عرب، وجود أبو عبيد، وحمزة عمرو، وعبد الحميد عبوشي، الذين قدموّا ما بين أكثر من “ديالوج” وأكثر من “مونولوج” عملاً حرّاً يبحث في ماهية البحث، وفي دواخلهم، وربّما دواخلنا أيضاً.
لرابط المقال اضغط هنا